في هذه المقالة سأستعرض قصة رائد أعمال اسمه Ali Messe ، فشل في مشروعه، إلا أنَّه كتب قصته على الويب، حيث انتشرت بشكل كبير عبر شبكات التواصل الأجتماعي، ودخل باب الشهرة من وراء قصة فشل مشروعه، وسيتحدث عن قصته في موقع TED وذلك في تاريخ 6/12/2014.
وفي قصته العديد من العبر والدروس والملاحظات الهامة لأي شخص يحاول أن يدخل عالم الريادة..
والآن لنبدأ بقصته
"صباح الغد الساعة 5 ستكون الرحلة رقم AZ610 من روما إلى نيويورك"
وصلت هذه الرسالة إلى هاتفي مساء يوم الاحد، بعد أن انتظرتها بفارغ الصبر، حيث حددت هذه الرسالة وجهتي في الأسبوع القادم.
حياتي كانت مملة جداً. حياة استشارية حيث تفتقد كل شيء وكل شخص في هذه الحياة، باستثناء جداول برنامج الإكسل، حياة تجارية فاخرة علمونا أن نحيا لنكون عبيد مثاليين لها، حيث تخرجنا من أفضل المدارس التجارية الكبرى بشهادات نحن فخورين بأننا نحملها.
بعد عدة ساعات من النوم، اصطحبني السائق الخاص بي ليأخذني إلى المطار، وبعد وصولي، كنت أتفحص أفضل الفنادق الفاخرة ذات الخمس نجوم والتابعة للشركة التي كنت أعمل بها لأتجه إلى مكتب موكلي بعد ذلك.
راتب وظيفتي؟ لقد كان خيالياً، حيث كانت الشركة فخورة بكونها تقدم أفضل الرواتب على الإطلاق في هذا المجال.
الأهل
كان هناك خطب ما بشأن هذه الحياة الإستشارية، ومع ذلك كنت أتخيل ردة فعل والدايَّ عندما أخبرهم بأنني سأترك عملي .. أبي، أمي، لقد استقلت من وظيفتي للتو. وأريد أن أبدأ بمشروعي الخاص.
وبالتأكيد ستُصاب أمي بنوبة قلبية بعد سماع هذه الجملة، حيث لم يكن ذلك أول شيء تريد أم مثالية كأمي أن تسمعه بعد أن شجعتني على التخرج من أفضل المدارس التجارية وبأعلى العلامات.
وسأحاول عند إخباري لها أن أخفف من محنتها. إلا أنه لا أظن أن ذلك سيكون مفيداً حينها.
وجاء اليوم الذي كسرت فيه جدار الصمت
” أمي، إنني أكره عملي. كل هؤلاء المستشارين يتظاهرون بأنهم سعداء وبأنهم يأخذون حبوب سعادة. كان عليَّ أن أنام من 3 إلى 4 ساعات فقط باليوم. وكل تلك الميزات التي وعدتنا الشركة بها لم يكن لها وجود.
هل تتذكرين ذلك الفندق الفاخر ذو الخمس نجوم؟ إنني أعمل حوالي 20 ساعة باليوم ولا أشعر بأية متعة فيه، وبخصوص الفطور “الرائع” ؟ لم يكن لدينا الوقت لنتمتع به، وبخصوص الغداء والعشاء الفاخرين؟ كانا فقط عبارة عن سندويش بجانب جداول الإكسيل التي نعمل عليها.
وبالمناسبة، بدلاً من التمتع بالجعة التي أحتسيها، كنت أحدق بجدوال الإكسيل خلال رحلتي بالطائرة. الراتب العالي؟؟ لم يكن لدي وقت لإنفاق قرش واحد منه.
إنني أكره حياتي يا أمي، فهي حياة شخص فاشل. حتى أنني لا أستطيع رؤية عشيقتي. لم يعد بوسعي التحمل أبداً. سأستقيل من هذا العمل التعيس وأبدأ بمشروعي الخاص.”
تقاعد والداي بعد سنوات من العمل الروتيني لمدة 5 إلى 9 ساعات يومياً في وظائف حكومية مملة.
لقد كنت أعلم بأن أسرتي لم يكن لديها أي خلفيات ريادية، سيكون من الصعب أن أشرح وضعي لهم، ولكنني لم أكن أتوقع أبدا رد والدتي في الصباح التالي..
كانت أمي على الهاتف تقول
"إذا، كيف حال عملك الجديد! هل يزداد؟!"
بغض النظر عن ماقلت لها ذلك اليوم، إلا أنني لم أستطع أن أشرح لها أن عملي يحتاج أكثر من يوم ليتطور!!
حبيبتي، وأصدقائي، ودائرتي الإجتماعية
كانت حبيبتي أفضل داعم لي على الإطلاق، وقمت بمشاركة الأخبار مع أصدقائي الذين كانوا مشغولين بصعود الهرم الوظيفي بشركاتهم العالمية، أخبرت الجميع بأنني انسحبت للتو من عملي لأبدأ بتحقيق حلمي الخاص. البعض من أصدقائي بدأ يخفف من رؤيته لي بالتدريج، ربما لأنهم اعتقدوا بأنه هناك خطب ما بشأني منذ أن تركت عملي “الخيالي” خلال فترة قصيرة من الزمن.
بالرغم من أن بقية أصدقائي كانوا داعمين لي، إلا أنه مازال هناك شيء غريب بخصوص علاقتي معهم، وأدركت قريبا بأنني بدأت بإبعاد نفسي من اللقاءات الإجتماعية.
في كل مرة كنت ألتقي فيها مع اصدقائي، لم يكن لدي أجوبة كافية لأسئلتهم المتكررة، “كيف حال مشروعك؟ إنّك على وشك أن تكون خليفة زوكربيرغ، أليس كذلك؟ إننا فخورين بك كثيراً ومتأكدين بأنك قريباً ستتسلم عدة اسثمارات ضخمة”.
كان مشروعي عبارة عن رحلة طويلة وكنت أضع نفسي تحت ضغط شديد بأن أهتم لما يقوله الآخرين عني وعن مشروعي.
يوماً بعد يوم.. كنت أصبح أكثر وحدة وإحباطاً حتى أنني أصبحتُ أتجنب المناسبات الإجتماعية.
لم يكن تطور مشروعي بالسرعة التي كانت تتلاشى بها دائرتي الإجتماعية وكنت دائما أجاوب الناس بأن فيسبوك وتويتر استغرقوا سنوات طويلة للوصول إلى ماوصلوا إليه الآن.
المكان الوحيد الذي شعرت به بالراحة، كان بجانب أصدقائي رواد الأعمال. حيث لايفهم على رائد الأعمال إلا رائد أعمال آخر وكما يُقال: “لايفل الحديد إلا الحديد”.
سيولة..
لم يكن الضغط المجتمعي والوحدة هي ماعانيت منه فقط، بل كنت أواجه أصعب التوترات وهي نفاذ السيولة مني أكثر من ماكنت أتخيل بكثير.
وكان ذلك يقتل إبداعي وإنتاجيتي على اتخاذ القرار الملائم. كنت أشعر بالذعر وأندفع لأكون ناجح لأكسب المال، وفي أحد الأيام، طلبت من حبيبتي بضع سنتان لأنه لم يكن بحوزتي المال لشراء زجاجة مياه. لم أكن أعلم بأنها كانت فقط البداية لحياة صعبة مليئة بالتقلبات..
اليوم
انتهينا من الدراما: لقد مضى أكثر من سنتين على هذه الأيام، إنني الآن أكتب هذه المدونة في منتجع جميل ب تايلاند وأنا أحتسي شرابي المثلج الخاص بي.
انتظر قليلاً، إنني لا أتخلّى عن حلمي. لا لم أصبح رائد أعمال مليونير، بالرغم من أن عملي كان عبارة عن راتب ثابت يسمح لي بالسفر لأي مكان أريده بالعالم وأن أعمل من أي مكان يوجد فيه شبكة وايرلس..
إلا أنني شعرت بالندم لأنني لم أسأل نفسي هذه الخمس أسئلة المهمة والمفصلية قبل أن أبدأ رحلتي المؤلمة..
5 أسئلة أؤمن بأن كل رائد أعمال مستقبلي عليه أن يسألها لنفسه قبل أن يدخل بعالم ريادة الأعمال..
1- هل أنت مستعد للضغط المجتمعي الذي ينتظرك ؟
إذا كان لديك عائلة وأصدقاء ليسوا رواد أعمال، لن يفهموا تماما ما أنت تحاول إنجازه والضغط المجتمعي سيكون بذلك أكبر، لقد اهتممت كثيراً بما يقوله الناس عني- كثيراً جداً لدرجة أفسدت عليي حياتي.
لقد كنت قاسياً مع نفسي وكنت أعاقبها بالمزيد من العمل، لأعلن نجاحي بأقرب وقت ممكن. حتى أتى ذلك اليوم الذي أدركت به بأنه لا أحد يكترث بشأني، إذا لم كنت أعاقب نفسي ؟!
إنك لست أكثر من مجرد بوست منشور على الفيسبوك، قد يلفت نظر الآخرين لبضع ثوانٍ، في عام 2014، لايوجد وقت لأحد أن يهتم بشأن أي أحد آخر في مثل هذا العالم المزدحم والصاخب الذي نعيشه.
إذا كنت تهتم كثيراً بالكلام الذي يقوله الآخرين عنك، ستضيّع وقتك وأنت تحاول أن تثبت بأنّك ناجح بدلاً من أن تركز على مشروعك، فلديك حياة، وأنا لدي حياة، لقد تأخرت جدا حتى وصلت لهذا المغزى.
2- أعزب أم تمتلك شريك حياة ملهم؟
عندما نكبر، فإننا نشارك مايحدث معنا بشكل أكبر مع عائلتنا وأصدقاءنا. وبينما كنت محظوظاً جدا بأنني أملك فتاة رائعة، كان من المحزن جدا أن أرى العديد من أصدقائي رواد الأعمال ينهون علاقاتهم من مع يحبون..
أن تقوم بمشروعك لوحدك، فذلك قاسٍ، وأكثر قسوة بكثير مما كنت أتخيل. عقلك سيكون مشوش جداً بملايين الأشياء التي تدور بداخلك، ولايوجد أحد لديه مفتاح – حتى من تحب – ليدخل إليك ويعرف ماذا يجري بداخلك..
3- هل لديك مال يكفي لأن تصمد لمدة سنة على الأقل؟
جيد، إذا اضرب ذلك الرقم ب 3 على الأقل لأن مدخراتك ستنفذ بسرعة أكبر بكثير مما كنت تتخيل، فخلال رحلتك سيكون هناك الكثير من التكاليف المخبأة، ضرائب محاسبية ومدفوعات قانونية، كمبيوترات وأجهزة أيفون معطّلة.. الخ
كن على استعداد بأنك ستعيش في بيت أصغر وتأكل طعاماً أقل أو أن تعد فكاتك والتي لم تكن تهتم بها سابقاً.
آخر ثلاثة أشهر قبل أن تنفذ سيولتك بشكل كامل ستكون صعبة عليك بشكل كبير والضغط سيزداد بشكل متضاعف لدرجة أنك لن تستطيع النوم بشكل صحيح.
النجاح سيأتي ببطء، والسيولة ستنفذ منك بسرعة كبيرة وكأن هناك من يحرقها. لذلك يجب أن تكون ذكياً وتخطط من اليوم الأول..
4- هل أنت مستعد لأن تنام عدد قليل من الساعات يومياً؟
بعد أن هربت من وظيفتي في الشركة الإستشارية التي كنت أعمل بها، كنت أفكر بأنني وأخيرا سأعيش حلمي بأن أعمل متى أريد حتى قرأت مقولة Lori Greiner..
"رواد الأعمال لديهم الرغبة بأن يعملوا 80 ساعة لوحدهم بالأسبوع مقابل أن يتجنبوا العمل 402 ساعة أسبوعياً لدى أحد آخر"
لقد بدأ كل ذلك باستيقاظات صغيرة في منتصف الليل. في البداية، كان ذلك لأنني كنت متحمساً بأفكاري الجديدة وكان لدي العديد منها. ببساطة لم أكن أستطيع الإنتظار حتى يحين الصباح لأبدأ بتنفيذها.
لقد كنت أعمل كثيراً لأنه لم يكن هناك عمل أنجزته وشعرت بالإكتفاء حيث أردت أن أنجز أكثر من الذي أنجزته بكثير. ولكن كلما عملت أكثر وتأخرت بالنوم، كلما كان ذلك أكثر صعوبة بأن أستغرق بالنوم وكان نومي يسوء أكثر.
وكنتيجة.. كان هناك يومان أو ثلاثة أيام على الأقل بلا إنتاجية.
لاتنغر بصور الإنستغرام الخاصة بي. ولاتنغر أيضاً بتلك الأخبار التي تتحدث عن رواد أعمال أصبحوا أصحاب مليارات.
فوراء الكواليس، لقد كان هناك الكثير من الأيام المؤلمة، وليالٍ طويلة بلا نوم والكثير من الرفض والفشل المستمرين.
The journey to success is long. Very long. Very often, too long الرحلة إلى النجاح طويلة. طويلة جداً جداً. طويلة إلى حد لم تكن تتصوره بالمطلق.
5- ماهو تعريفك الخاص بالنجاح؟
كل واحد منا لديه قائمة أولويات خاصة به في الحياة. وبالنسبة لأغلب الناس، النقود هي الأولوية الأولى، بينما التوازن بين العمل والحياة يكون تصنيفه أعلى بالنسبة لأشخاص آخرين. أي بالمختصر، كل شخص لديه تعريف مختلف للنجاح وفق رؤيته الخاصة..
حسب تعريفك الخاص للنجاح، ستكون درجة الصعوبة التي تواجهها بمشروعك الريادي، وإذا كانت النقود والنجاح الإجتماعي مايهم الغالبية منا، فهذا يعني بأنك ستواجه أوقاتاً عصيبة خلال هذه الرحلة الطويلة.
وكما تقول حكمة أعجبتني
"من الرائع أن يكون هناك نهاية لرحلتنا: ولكن في النهاية، كل مايهم هو الرحلة نفسها"
رواد الأعمال الناجحون ليسوا بالضرورة أولئك الأشخاص الذي يجمعون الملايين من استثماراتهم. لاتنسى بأنهم عددهم 1 بين كل مليون، هناك الآلاف من الحالمين في هذا العالم، والذين يخططون لإنجاح مشروعاتهم بطريقتهم الخاصة وبكل مايملكون من جهد، وحتى لو أنهم لم يظهروا في الصحف أو الشاشات.
بغض النظر عن الضرر الذي سببته لك هذه الرحلة بحياتك أو كم صعبة ستكون، تمتع بالقيادة واستمر بالسير وراء شغفك. كما يقول Tony Gaskin..
"إذا لم تسعَ وراء حلمك، فهناك شخص ما سيوظفك لتبني حلمه الخاص".
وأحب أن أختتم القصة ببعض الدروس الهامة التي تعلّمتها من تجربتي الخاصة، بعض النقاط تتقاطع مع تجربة علي..
مشروعك في البداية سيحتاج إلى وقت طويل جداً، أكثر من ماكنت تتصور، لذلك يجب عليك أن تضع ذلك في الحسبان وأن تعلم بأنه عليك أن تتفرغ بشكل كامل لمشروعك وخاصة في حال كان مشروعك يتطلب تعامل يومي مع الزبائن، ففي هذه الحالة يجب أن يكون ذهنك صافٍ بشكل كامل..
حيث يجب عليك أن تضع مشاكلك وهمومك اليومية وراءك وتلتفت للتفكير بأفكار تسويقية جديدة وكيف تجتذب مستهلكين جدد إلى منتجك، وأحب أن أؤكد على ضرورة وجود خلفية مالية جيدة، وفي حال بيعك وحصولك على مربح كافٍ، لاتأخذ كل المبلغ، واحتفظ بجزء كبير منه للطوارئ، لأنه بالتأكيد سيكون هناك ظروف مفاجئة، أو نقص مفاجئ في المواد الأولية.
وفي بداية مشروعك يمكن أن تكون مبيعاتك مرتفعة بشكل كبير، وخاصة في حال كانت منتجك جديد في المنطقة التي افتتحت بها، فالجميع هنا سيكون عنده الفضول لتجربة هذا المنتج الجديد، لذلك يجب أن تكون جودة المنتج الذي تبدأ به جيدة من البداية، لأنه في حال كان منتجك سيء أو دون المستوى المطلوب..
فالمستهلك الجديد الذي جرّب هذا المنتج، لن يشتريه مرة أخرى وستخسره في هذه الحالة، ويجب أن يكون لديك بال طويل، وفي حال كان لديك شريك فلا تجعلوا من صغائر الأمور مشاكل كبيرة، لأن ذلك سيؤدي لخلافات وستكرهوا عندها متابعة العمل في المشروع وبالتالي ستضيع فكرة مشروعكم سدىً..