نعم كما قرأتها، كما سمعتها منى..أنا أتحدث إليك أنت.أصرخ بوجهك الآن، أنظر إلى عينيك مباشرة ( ليس فعلياً ولكن بما أنك تقرأ المقال الآن فاستخدم مخيلتك) أخبرك أنه ليس لديك فرصة فى هذه الحياة لتفعل أى شيئ ذو قيمة.
إذا كان بإمكانك إكمال هذا المقال لآخره، وإنكار أن هذه الأسباب هى أسبابك، فيجب عليك ان تقلق قليلاً..
فى الواقع يجب أن تكون أشد قلقاً، أترك كل ما بيدك فى الحال وأسأل عن هدف وجودك على هذه الحياة، توجه لأقرب مرآة وأنظر إلى نفسك إلى عينيك، وأرفع يدك وقم بصفع وجهك.
فهمت الآن ماذا ستفعل؟! كرر هذا الأمر حتى تشعر به بكل جوارحك ثم تابع قراءة المقال حالما كنت مستعداً.
أنا أحدثك عن مهارات معترك الحياة يابنى!
لا أحدثك عن الدراسة والمذاكرة بجد، لا أحدثك عن الجامعة والفصول الدراسية والعمل الروتينى، مهاراتك التى أكتسبتها من الجامعة أو المدرسة، أنا لا أحدثك حتى عن التدخين والسهر والجلوس على المقاهى وتضييع الوقت فى التفاهات والجلوس أمام التلفاز والفيسبوك بالساعات.
أنا أحدثك عن الخروج من غرفتك، والقيام ببعض الحركة، وإنجاز بعض الأشياء بحياتك، نوع آخر من المهارات، أن تقوم بمغادرة منزل والديك، وترك وظيفتك، ولا يهم أى شيئ بعد ذلك، وأن تقوم بفعلها حالاً وتكتسب خبرة ومهارات أفضل من تلك المرسومة لك.
نوع من المهارات التى تطورها فى العالم الحقيقى، خارج عالم والديك وأمانهم الزائف، خارج فقعة أنظمة التعليم العقيمة والتى قتلت فيك الشعور بالحياة.
مهارات من التى يجب على أى شخص ان يدفع مالاً مقابل تعلمها، تلك المهارات التى قاربت على الإنقراض، مهارات لا تستطيع تعلمها بقاعة المحاضرات أو فصول الدراسة، مهارات تتعلمها فقط بالعمل والسعى.
" كتعلمك كيفية الطيران بعد القفز من على حافة الجبل "
مهارات تستطيع فقط تطويرها عندما تجد نفسك الحقيقية، عندما تضع نفسك على الطريق أو تتوقع من الناحية الأخرى إحتمالية الفشل..
المهارات التى تستطيع تطويرها فقط عند المخاطرة بكل شيئ تملكه لعمل شيئ واحد مذهل.
المهارات التى إلى الآن تعتقد أنها لديك..
بإختصار ما أريد أن أخبرك به هو أن فى هذه اللعبة المدعوة الحياة، ليس لديك فرصة لتنجح! أتدرى لماذ؟؟
1- لأنك لم تفشل بالقدر الكافى
لأنك تشعر بالراحة والامان فى وضعك الحالى، لأنك أخترت عدم المحاولة، لأنه من السهل التحدث عن تعلم شيئ جديد (كالبرمجة) أكثر من المفترض فعله وهو تعلمها.
لأنك تعتقد أن كل شيئ صعب جداً، معقّد جداً لدرجة أنك تتخطاه أو ربما “أفعله غداً”.
لأنك تكره وظيفتك ولكنك لا تريد بديلاً عنها لأنه من السهل الشكوى عن أن تقوم بتغيير شيئ فعلياً.
لأنه اثناء محاولتك الفاشلة للمحاولة، أنا بالخارج هنا أحاول أن أفشل، أتحدى نفسى، أتعلم أشياء جديدة وأفشل بأسرع ما أستطيع.
لأننى أفشل، أتعلم ثم أقوم بتعديل مسارى للتأكد أنه المسار الوحيد للأمام، كعملية صهر المعادن، أضع نفسى فى النيران حتى ألين ثم أقوم بتشكيل نفسى لسيف أقوم بتشذيبه وشحذه حتى يصل لدرجة أن يقطعك نصفين إن لم تكن مكافئ له فى الصلابة.
2- لأنك تهتم بما يعتقده الآخرون عنك
لأنك تعمل على ملائمة نفسك لأفكارهم، لأنك تؤمن أن كونك مختلفاً أمر جميل فقط عندما تكون مختلفاً بنفس الطريقة التى يختلف بها الناس.
لأنك خائف من أن تحرج نفسك الحقيقية عندما يراها العالم كما هى، تعتقد بما أنك تحكم على الناس فإنهم بدورهم سيحكمون عليك، لأنك تهتم كثيراً بالأشياء التى لديك عن الأشياء التى قمت بإنجازها.
لأنه أثناء إنفاقك للمال لتشترى ملابساً فاخرة، وسيارة فارهة، وأطعمة غالية؛ سأقوم بالإستثمار فى نفسى أكثر وأكثر، لأنه أثناء محاولتك لتتناسب مع هذا العالم سأجبر أنا العالم ليتناسب معى.
لأننى وبكل تهور سأظل كما أنا وأفرض نفسى على العالم، سأكون بمأمن من آراء الناس وأفكارهم نحوى، لأنه حين تكون أنت منغمساً فى النمطية سأستكشف أنا كل ما هو إستثنائى.
3- لأنك تعتقد أنك أذكى مما تبدو عليه
لأنك تفعل ما يفعله أى احد آخر؛ تدرس ما يدرسونه وتقرأ ما يقرأونه، لأنك تعلمت ما فُرض عليك أن تتعلمه لتجتاز إختباراتهم وتعتقد أنّ بهذا أصبحت ذكياً.
لأنك تعتقد أن التعليم فقط بالمدارس والجامعات، لأنه أثناء تعلمك بالجامعة، كنت أدرس أنا الحياة؛ لأنه بدلاً من التعلم عن الحياة بفصل دراسى خرجت أنا وتعلمت بمعيشتها.
لأنى أعلم أكثر من أى قطعة ورق درستها بالجامعة، لأن الذكاء ليس ما تتعلمه، ولكن كيف تعيش.
لأنه ربما لم أتحصل على درجة جامعية ولكنى أتحداك لتجد موضوعاً لا أستطيع أن أحدثك به بإستفاضة.
لأنه يمكننى أن أجتاز إمتحاناتك إذا أردت، ولكنك لن تستطيع أن تقف ثانية واحدة فى مواجهة دروس الحياة التى عايشتها، إختبارات لا تُقيم بالنسبة المئوية أو الدرجات، إختبارات تقيم بمعيار واحد بسيط هو :البقاء على قيد الحياة.
4- لأنك لا تقرأ
لأنك تقرأ أشياء طُلب منك أن تقرأها أو لا تقرأ على الإطلاق، لأنك تعتقد أن التاريخ ممل والفلسفة غبية، لأنك ستفضل الجلوس أمام قنوات التلفاز ومشاهدة برامج كعرب جوت تالتت وعرب أيدول بدلاً من إستكشاف أشياء جديدة والسباحة فى عقل إنسان آخر لمحاولة فهم أعمق للعالم من حولك.
لأنك ترفض أن تعترف أن كل هذه القوة والسيطرة التى بالعالم أتت من كلمات الذين سبقونا، أنّ أى شيئ تريده قد تحصل عليه من خلال البحث بين الكلمات التى بالكتب المتاحة الآن أكثر من أى وقت سبق.
لأنك ربما لا تقرأ هذا المقال لأنك تريد بل لأنه يتوجب عليك.
لأن الناس التى تقرأ هذا المقال تعلم هذه الأشياء بالفعل.
" لأنك تستطيع أن تقود حصاناً للماء ولكنك لا تستطيع أن تجبره على الشرب "
5- لأنك تفتقد للفضول
لأنك تسمع الأخبار من بغبغانات التلفاز والصحف والراديو الموجهون من قِبل سلطات الحكم والأموال، لأنك لا تريد أن تسأل نفسك سؤالاً بسيطاً (ماذا لو كان كل هذا كذب؟!)، وأن تتقبل إحتمالية أن ربما الأمر كذلك؛ لأنه ربما، ربما طرق وسائل الإعلام تختلف لكن هدفها واحد وهو: أن تبقيك مشتتاً.
لأنك تعتقد أنى أعلم كل شيئ، وترفض الإعتقاد بأنك لا تعلم شيئ.
لأنى عطشاً للمعرفة، لأنه بغض النظر عن الموضوع: أثناء لعبك للمزرعة السعيدة وكاندى كراش وساب واى، أقرأ انا عن نظرية الخيوط والفيزياء الكمية.
لأنه أثناء تضييع وقتك بمشاهدة (شكلك مش غريب) أتعلم أنا كيف أحرر فيديو وكيف أطور موقع وأصمم تطبيقات الهاتف.
6- لأنك لا تسأل كثيراً
لأنك لا تسأل نفسك، لأنك لا تفهم قوة الأسئلة فى هذه الحياة، لأنك لا تعترف بالإختلافات المعتبرة، لأنك تقف مع ما تعلمه أمام ما يخبرك به شخص آخر من الحقيقة، ليس لديك القدرة على الشك بواقعك، متعلقاً بدائرة أمانك وقناعاتك الزائفة كأسلوب فيلم MATRIX تفضل أن تعيش فى السعادة الوهمية بدلاً من الإعتراف بالحقيقة ومواجهة العواقب.
لأنى أعلم أنك ستعطينى كل المعلومات التى أريدها لتدميرك فقط عندما أتركك تتكلم، لأنى أدرس سلوك الإنسان وانت تتجاهل سماع كل شخص إلا نفسك.
لأن السيطرة لا تأتى من عصبية الجاهلية وقذف الناس بغير علم، ولكن تأتى من الهيكلة الصحيحة للأسئلة والتفكير المنطقى.
7- لأنك لا تستطيع تقبل الحقيقة
لأنك ترفض أن تعترف بأنك لا تعلم الأشياء التى لا تعلمها، لأنه لا يوجد مقال عبر الويب سيقوم بتعويضك عن كل الوقت الذى ضيعته من حياتك من قبل.
" لأنه حتى وإن أخبرتك أن كل شيئ سيتغير غداً، ستنتظر للغد ثم ترى ماذا ستفعل حينها ".
عند قرأتى لهذا المقال على موقع Medium لم أستطع أن أتركه هكذا دون قراءة أخرى مرة أو مرتين حتى قررت كتابته هنا دون تغيير كبير فى الأسلوب لكى لا يفقد قيمته، أتمنى أن يكون أيقظ بعض الأشياء الرائعة بداخلك والتى كنت تود أن تفعلها، وملحوظة أخيرة فإن ضمير المتكلم (أنا) يعود على الكاتب الأصلى للمقال، كما يرتبط هذا المقال بشكل أو بآخر بمقال (نقطة..ومن بداية العمر!) متمنياً الإستفادة منهما والوصول لتفكير أعمق عن الذى أعتدنا عليه.