«منة» أمام نصبة الشاى التى تمت إزالتها
|
عانت من البطالة لمدة عام ونصف العام، فقررت أن تتمرد على واقعها، وتخرج لسوق العمل من «أغرب» أبوابه، دون أن تأسف على سنوات الدراسة فى «السياحة والفنادق» ومن بعدها «الحقوق»، لتختار العمل كـ«صبى قهوجى» فى مقهى شعبى بمنطقة وسط البلد.
منة الله الحسينى، بدأت رحلة كفاحها منذ عام تقريباً: «اشتغلت فى مجال المبيعات أكتر من 4 سنين، وقعدت أكتر من سنة ونص من غير شغل، وكنت بَدرس سياحة وفنادق، بس البلد مافيهاش سياحة، فقررت إنى أدرس حقوق، وأشتغل فى قهاوى وسط البلد».
من المقهى الشعبى إلى أحد الكافيهات، انتقلت «منة» وسمعتها الجيدة تسبقها، لكنها أنهكها العمل كمرؤوسة، وقررت تأسيس مشروع خاص بها هو «نصبة شاى».
فى شارع «مظلوم باشا» وتحديداً إلى جوار وزارة الأوقاف اختارت الفتاة العشرينية أن يكون المكان هو مقر «نصبة الشاى»، حيث جعلت من الرصيف الذى كان يستخدمه الرجال كمرحاض عام لوحة فنية: «نضفته تماماً ولونت الشجرة وعمود النور عشان يكون المكان مناسب لمشروعى الصغير وهو عربة لتحضير المشروبات».
طبيعة «منة» المختلفة عمن حولها عرضتها لانتقاد البعض وربما للإهانة، فتتذكر قيامها بحلاقة شعرها «زيرو» فى بداية مشروعها: «ناس تحرشت بيّا، وغيرهم ضربونى بالقفا.. دا غير إنهم كانوا بينادونى يا واد يا بت، ولما فكرت أركب عربة السيدات فى المترو طردونى منها».
لم تسلم «منة» أيضاً من مطاردات «البلدية»، حيث تُصنف ضمن الباعة الجائلين، لأنها لا تحمل تراخيص لمشروعها، حتى أن خطيبها الذى كان يساعدها فى العمل تعرض أيضاً لمضايقات ودخل فى شجارات مع البلطجية انتهت بحرق قدمه بالمياه الساخنة، لتختفى «منة» و«النصبة» من المكان.
مر الوقت وعادت منة لشارع «مظلوم» باشا فى أحد الأيام، لتُقابَل بترحاب حار من زبائنها، فالكل كان يأتى للسؤال عنها بينما وقفت هى أمام حلمها الذى تحول إلى أطلال متحسرة على ما ضاع.
مات حلم «منة الله»، ولكن طموحها ما زال على قيد الحياة إلى أن يصبح لديها مكان ثابت ليحمل رفات حلم قديم اسمه «نصبة شاى».