سيدة البطاطس.. «أم أميرة» بسمة أمل وسط عتمة الإحباط
بجلبابها الأسود القاتم، تقف فى شموخ وكبرياء أمام عربتها الصغيرة لبيع البطاطس «المحمّرة»، تتحرك كالنحل فى دأب ونشاط، تلقى السلام والتحية هنا وهناك على جيرانها من أصحاب المحلات بالشارع، الحزن يملأ أدق تفاصيل ملامح وجهها، لكنها تتبدل على الفور، عندما يمر أحد الزبائن ويطلب ساندوتش بطاطس، إلى ابتسامة مليئة بالتفاؤل والخير والأمل فى غدٍ أفضل.
«أم أميرة».. ابنة أسوان صاحبة البشرة السمراء، تعلمت من السد العالى الذى روض نهر النيل أمامه فى هدوء واطمأنان، أن تتغلب هى أيضا على الظروف الصعبة، وتجعل من كل محنة منحة، وتخلق من كل أزمة وانكسار دفعة إلى الأمام.
الزوجة الصعيدية التى لم تتخل عن زوجها فى محنته، حيث كان أحد العمال الذى تم تسريحهم من مصانع القطاع العام ليدفع ثمن سياسات الخصخصة والرأسمالية المتوحشة، وقررت النزول للعمل وابتكار بيع ساندوتشات البطاطس “البيتى”، لتعبر بأسرتها إلى بر الأمان، خاصة أن ابنتها الكبرى كانت تعانى مرض القلب إلى أن ماتت، وزوجها لم يعد يقدر على العمل لظروف صحية خاصة ألمت به.
تبدأ «أم أميرة» يومها بعد صلاة الفجر لتستقبل الطلاب الخارجين إلى المدارس وكذلك الموظفين، وتعود إلى منزلها المتواضع فى الثانية ظهرا؛ لتستريح ساعة قبل النزول فى المساء لاستقبال عربة الخضار المحملة بأجولة البطاطس القادمة من الأرياف.
وقبل وفاة ابنتها الكبرى، كانت تذهب معها إلى الأطباء لإجراء الفحوصات الطبية، غير مكترثة بالتعب والإرهاق، فلديها مسئولية تريد استكمالها بغض النظر عن أى شىء آخر.
يشتد المرض على “أميرة”، ولم تيأس الأم من السفر بها إلى مستشفى مجدى يعقوب بأسوان، رغم ضيق الحال والظروف المادية الصعبة، إلا أن الأم الحنون لا تبخل عن أسرتها بشيء، لكن بعد فترة تتألم البنت من جديد، لترقد فى سلام وتموت فى هدوء.
ورغم احتباس صوت «أم أميرة» وامتلاء عيناها بالدموع أثناء تذكرها وفاة ابنتها، إلا أنها طول الوقت تحاول التغلب على أحزانها ورسم الابتسامة على وجهها، رغم حزن ولوعة الفراق، لتكون صاحبة أجمل وش فى زمن ملىء بالعثرات والإحباطات.
المصدر: