برجل واحدة وبدون يدين.. جزائري يصبح بطلاً في السباحة والرسم


لا تفارق الابتسامة وجه الشاب الجزائري علي مسعودي، كما لا يفارق الطموح الذي يكسر جمود ولاية سطيف التي يعيش فيها( شرق البلاد) كلامه، فالرجل الذي لا يملك إحدى رجليه وكلا اليدين فنان مبدع في الرسم الذي يحبه كثيراً، كما أنه بطل في السباحة، حيث توج بالبطولة 5 مرات متتالية في المسابقة الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة بالجزائر . لا يكتفي مسعودي فقط بالسباحة والفن، بل يهوى أيضاً رياضة كمال الأجسام، حيث يرتاد قاعات هذه الرياضة ليبهر كل من فيها، ويقوم بجميع التمارين، معتمداً على أطرافه المتبقية من يديه والرجل اليمنى.

عندما يتغلب الأمل على الألم

علي مسعودي، صاحب الـ24 ربيعاً، من بلدة عين ولمان الهادئة، والتابعة إدارياً إلى ولاية سطيف، 300 كلم شرق العاصمة الجزائر، من عائلة متواضعة جداً يبلغ تعداد أفرادها 7، ولد لها ليبصر فنوناً وهوايات لا يقدر عليها حتى من يملك كل أطرافه، رغم فقدانه لإحدى رجليه.
يتحدث علي مسعودي لـ"هافينيغتون بوست عربي" بكل ثقة واعتزاز قائلاً "لم أحس يوماً أني أملك هذه الإعاقة، لأن شخصيتي مرصعة بمواهب لم أجدها عند أقراني وأصدقائي".
ويضيف علي "ولدت بهذه الوضعية، وكان والداي شديدي الحرص على نقلي لمختلف المصحات والعيادات علهما ينقذاني من الإعاقة، وكنت دائماً أزرع فيهم الأمل بأني قادر على 
العيش مثل باقي الناس أو أفضل منهم".

وبالفعل، مع مرور السنين بدأت تظهر على هذا الشاب قدرات خارقة، أبهرت الأهل قبل المسؤولين والمؤسسات.

ريشته جعلته فناناً

الرسم هي الهواية التي بدأ بها علي مساره للتميز، حيث تفنن في إبداع العشرات من اللوحات، والتي أوصلته إلى عدة تتويجات محلية ووطنية، حيث كرمه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن لوحة "المرآة العاكسة" عام 2012.
وأصبح اليوم "عليلو"، كما يحبذ البعض تسميته، مطلوباً للمشاركة في معظم الأنشطة الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وحتى تلك العادية، ولاسيما في المعارض الخاصة بالفنون الجميلة.
ويرسم علي مسعودي بطريقة فريدة من نوعها باعتماده على دقة عالية في تجسيد المواضيع وتحديد اللمسات، حيث يستعمل فمه لالتقاط الريشة، وهي طريقة يعجز عنها الرسامون الذين يملكون كل أطراف جسدهم.
ومزج علي هواية الرسم بمهنة دهن المنازل، ليتفنن في مزج الألوان وصناعة الديكورات، وتجسيد لوحات تشكيلية على الجدران مباشرة.

بطل في السباحة 6 مرات

كسر عائق الإعاقة بالنسبة لعلي مسعودي لم يقتصر على الرسم والدهن، بل عززها بالرياضة، حيث يعشق السباحة وكمال الأجسام.
لعلي 5 تتويجات متتالية في السباحة الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، أبرزها بطل الجزائر في هذه الرياضة لعدة مرات.

كما يهوى أيضاً رياضة كمال الأجسام، بحيث يرتاد قاعة هذه الرياضة في صورة أبهرت الجميع، ويقوم بجميع التمارين دون استثناء، معتمداً على أطرافه المتبقية من يديه والرجل اليمنى.

الحلم تحقق وطموح مستمر

بعما أنهى دراسته في الإعدادي، وباعتباره كان عصامياً في موهبة الرسم، كان علي في تواصل مستمر مع مدارس أجنبية، من أجل تحقيق حلمه بمواصلة الدراسة في الخارج وصقل موهبته أكثر.
ونظراً لرسوماته المتميزة، تم قبوله بمعهد متخصص في الفنون الجميلة بنيويورك في الولايات المتحدة الأميركية، لكن أوضاع الشاب المادية والأسرية جعلت الحلم يتوقف.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن هذا الموهوب واصل العمل، وحصل على عدة تتويجات، وهو اليوم يحلم بفتح ورشة للرسم، وفتح صفحات عبر الإنترنت لتسويق إبداعاته، وهو الحلم الذي يتوقف عند الدعم ومد يد العون.

معاتباً الدولة

يعاتب الفنان الشاب السلطات الجزائرية، قائلاً أنها "لا تدعمه بأي شيء، سواء مادياً أو معنوياً من أجل مواصلة التميز والإبداع، بل إن كل الدعم يأتي من العائلة والأصدقاء فقط".
ويؤكد أن "جوائز التتويجات التي تحصّل عليها، لم يستلمها بعد لأسباب مجهولة، حتى تلك التي جاءت برعاية رئيس الجمهورية"، على حد قوله.
لكن رغم كل هذه العثرات، إلا أن علي عازم على مواصلة التميز والإبداع معتمداً على مواهبه الخاصة، والقوة التي تحذوه في تحقيق أهدافه.