قصة نجاح بائع عصير الليمون الذي انشأ فنادق ماريوت !

كان الشاب جون يبيع عصير الليمون البارد في الكابيتول هيل بواشنطن دي سي، في الصيف. يراقب باهتمام الحشود الذين يتقاطرون على المعالم السياحية في الحي الشهير. يحاول أن يخطف انتباههم بابتسامته، وعبارة يرددها عشرات المرات: “عصير طازج. سيمنحك طاقة لمتابعة رحلتك”. كان يصطاد بعض الزبائن بسنارة ابتسامته. ينال القليل من نقودهم والكثير من أحاديثهم. تتركز مجمل نقاشاتهم على رداءة الغرف في الفنادق المجاورة. ملاءات قذرة، وخدمة غرف تعيسة، وطعام بارد. ظل يستمع إلى هذه الانتقادات ويدخرها في صدره. يجمعها مع النقود، التي يجنيها من عصيره الطازج وابتسامته.


بعد سنوات قليلة افتتح مشاريع صغيرة جعلته يمتلك مالا كافيا؛ لتقديم طعام ساخن بنكهة شهية. نجاح مطعمه جعله يفتتح آخر. كان يتقاسم أرباح المطعم مع العاملين فيه. يؤمن جون أن سعادة موظفيه ستسعد زبائنه. حرص على إرضاء مرؤوسيه قدر المستطاع. أسلوبه الملهم جعل العمل معه حلما لكبار الطهاة في واشنطن ونيويورك ويوتاه. الكل يود أن يظفر بالوظيفة والشراكة المنتظرة. حققت مطاعمه نجاحا باهرا بعد أن استقطب أفضل الطهاة والنادلين والمحاسبين في المطاعم الأميركية.

كان يظن البعض أن جون يخسر؛ لأنه يوزع أسهمه على موظفيه بإسراف لكنه كان يكسب. كسب اسما لامعا وموظفين لافتين قادوه إلى نجاح هائل. هذا النجاح دفعه للإيمان أنه حان موعد افتتاح أول فندق باسمه. فندق بملاءات عطرة نظيفة، وخدمة مميزة، وطعام ساخن. ثقته بفريقه جعله يقدم على هذه الخطوة أو القفزة.


قبل افتتاح الفندق كان يستحضر في منامه على شكل كوابيس عربته التي كان يجرها وفوقها عصير الليمون الطازج وبمحاذاتها انتقادات الزبائن للنزل المجاورة. كان يخشى أن تتوفر عربة لبيع العصائر أمام فندقه الصغير يجتمع حولها الغاضبون من مستوى فندقه. طرد جون هذه الكوابيس عبر افتتاح تجريبي لثلاثة أشهر، دعا إليه أقاربه وأصحابه بمبالغ زهيدة. ترك في كل غرفة قلما ودفترا صغيرا كتب أمامهما: “اكتب رأيك بصراحة في مستوى الخدمة هنا. نعدك أن نلبي مطالبك عند زيارتك في المرة المقبلة”. استفاد جون من الاقتراحات وافتتح رسميا فندقه الصغير، الذي حقق إقبالا كبيرا منذ أيامه الأولى.

افتتح جون الفندق في الثلاثينات، وما زالت الورقة والقلم التي وضعهما في غرفه الأولى تنتشر في جميع الفنادق ما صغر منها وما كبر في شتى بقاع الأرض.


أمست فنادقه أحد أهم النزل على مستوى العالم. أصبح اسم عائلته (ماريوت) الذي اختاره اسما لفنادقه ومنتجعاته واحدا من أشهر العلامات التجارية في العالم.

ظل جون ويلارد ماريوت، يعمل في فنادقه كأي موظف. ينتقل مع زوجته إلى فروعها المختلفة بهمة ونشاط كبيرين. كان يرتدي ملابس موظفي الاستقبال. يمنح الزبائن المفاتيح ويساعدهم في حمل الشنط إلى غرفهم. كان يضع اسم جون فقط على بطاقته حتى لا يتعرف أحد إلى هويته. رفض عددا من الحوارات الصحفية المبكرة، لأنه لا يود أن يعرف هويته أحد ليمارس عمله بهدوء. طريقته في إدارة سلسلة فنادقه ومنتجعاته دفعت الكثير من موظفيه الكبار إلى اقتفاء أثره وتتبع خطاه.


في عام 1935 شعر بآلام شديدة وأظهر التشخيص على الفور إصابته بالسرطان في الغدد الليمفاوية، وتنبأ الأطباء بوفاته بعد شهور رغم العمليات العديدة التي أجراها. لكنه عاش 50 عاما أخرى. قاوم آلامه بالعمل والسعادة، التي كان يراها وهو يشاهد عمله يتوسع ويكبر.

يؤمن ماريوت أن فلسفة النجاح تعتمد على إسعادك من حولك. سيسعدون أنفسهم وسيسعدون من حولهم. ويرى أن هناك الكثير من المشاريع العظيمة التي لم تنفذ بعد. لكنه لا يملك طاقة تجعله يستثمر في مشاريع أكثر.
نجح ماريوت؛ لأنه استمع إلى هموم الناس وحرص على تلبية مطالبهم. أصغى إليهم بعناية فائقة وهو يناولهم العصير البارد أثناء حواراتهم الساخنة. هذه النقاشات الحارة والانتقادات اللاذعة التي كانوا يتداولونها فيما بينهم منحته الأفكار الأساسية لمشاريعه، التي خلدت اسمه واسم عائلته حتى اليوم.
أعتقد أننا لو استطعنا أن نصغي إلى هموم الناس، وانتقاداتهم لخدمات ومرافق وسلوكيات متفرقة ومختلفة، بوسعنا أن نحقق أمجادا ونجاحات غير مسبوقة. هناك الكثير من المشاريع المربحة ماديا ومعنويا، والتي لم تر النور حتى اللحظة. تحتاج فقط إلى من يلتقط الفكرة بعناية. ويربيها جيدا حتى تكبر وتنضج وتدر له الخير والسعادة معا. نقرأ جميعا يوميا انتقادات واسعة لأشياء كثيرة حولنا. لكن هل فكر أحدنا على طريقة جون ماريوت؟ أقصد هل استمع إليها جيدا وفكر في حلول لها دون أن يستهلك مشاعره وجهده في حوارات كلامية ستتبخر. الكثير من النجاحات بدأت بمشاكل وصعوبات وتحولت إلى انتصارات. انظروا إلى بائع عصير الليمون ماذا فعل بما سمع، لقد فاز وارتفع.


بجورانا ثروة هائلة من المشاريع الواعدة التي تحتاج فقط إلى من يتصدى لها بالأعمال وليس الأقوال.